قَال لِي صوتٌ خَفيّ:
هَل تَقرأَ ؟
قُلت: مِنذُ أَنْ قرأَت “أقرأ وربكَ الأكرم”
وأَنا أَتعاقبُ على الليل والنهار قراءةً.
لمْ أَكف عن قراءة التفاصيلّ التي لا تشأ أَنْ تهدأ.
وعمق التقاسيم التي لا تنفكُ أن تبرأ.
لا أَكتف عن قراءةِ الصور التي لا تظمأ مِن الذاكرة.
ولا التي تَنسابُ في عُمقي دون توقف.
“أقرأ باسم ربي الذي خلقْ”
وأنطوي في عمق الكُتب ، وأَنغمسُ في هوة الفِكر.
أنزوي في وسط عراكٍ فلسفي حاد بين سقراط وأفلاطون.
وأَفك النزاع بِداخلي بِأَن أَنسجم مع الثالوث الأَمويّ بين لحن الأخطل وعزف الفرزدق وسيمفونية جرير.
وفجأة أُقلب الصفحة ما قبل الأخيرة ، والعقادّ يقول في نهاية السطر : أقرأ لأن حياة واحدة لا تكفيني.
وكيف تكفينا ؟
وأَلف حياةٍ وحياة تُعاني الزحام على الأرفف.
أقرأ باسم الذي “علم الإنسان مالم يعلم”.
أتكئُ على الظلّ.. وأقرأ:
أقرأ التجاعيد التي تملأُ وجه ذاك العجوز السبعيني الذي يَجلس القرفصاء هُناكَ على حافةِ الرصيف.
أقرأ رقصَ طِفلةٍ تلهو تحت ظِلّ المطر.
أقرأ حُزنَ الوجوه ، وبعض الدموع الهاربة من أَعينْ الحزانى ، من قلوب المُتعبين الذين أرهقتهم الحياة بِثقلها ، حتى تخدرت أجسادهم.
مِنذ أن قرأَتُ “أقرأ وربك الأكرم”.
وأَنا الغارق تحت كومةِ الكُتب ، الساكنْ في زوايا الصفحات ، المنطوي تحت ظلِ الكلمات ، أنا الباحث عن الفراغ من قلب الفراغ ، لأقرأ .
أقرأ حُزناً لجبران ، ورواية اشرئبت عمقْ الحياة.
أُلحنُ فصلاً لِـ شوقي ، ونصف مُعلّقةٍ لأمرؤ القيس.
أهمسُ حَرفاً للمتنبي: “خيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ”
وأقرأ نبضاً وأنفاساً وقصيدة.
وأَظلُّ أقرأ وما زال ثمة وقتٍ لأقرأ.
للتحميل | اضغط هنا
بقلم : الأزهر العدوي – @a_aloneboy